04‏/05‏/2012

فضل صلة الرحم


 فضل صلة الرحم


من دروس فضيلة الشيخ أحمد عبده عوض


وردت أحاديث كثيرة ترغب في صلة الأرحام وتبين أجرها وثوابها، فصلة الرحم
شعار المؤمنين بالله واليوم الآخر، وفي الحديث: 
(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه)
( رواه البخاري. )


وهي من أعظم أسباب زيادة الرزق والبركة في العمر، قال صل الله عليه وسلم -:
(من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه)

( رواه البخاري ِ)



وعند الترمذي أن رسول الله صل الله عليه وسلم - قال:

(تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل

 مثراة في المال، منسأة في الأثر).


وصلة الرحم توجب صلة الله للواصل، وتتابع إحسان الله وخيره وعطائه على العبد
 كما دل ذلك الحديث القدسي الذي بدأنا به الموضوع، وهي من أحب الأعمال إلى الله بعد الإيمان
 بالله وفي الحديث: 
(أحب الأعمال إلى الله إيمان بالله ثم صلة الرحم)
 رواه أبو يعلى وحسنه الألباني.

كما أن صلة الرحم من أسباب دخول الجنة وفي الحديث يقول صل الله عليه وسلم
 (يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام
 وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام)
رواه أحمد و ابن ماجة.

من كبائر الذنـــوب

وقطيعة الرحم ذنب عظيم، يفصم الروابط بين الناس، ويشيع العداوة والبغضاء
 ويفكك التماسك الأسري بين الأقارب، ولأجل ذلك جاءت النصوص بالترهيب
من الوقوع في هذا الذنب العظيم، وأنه من أسباب حلول اللعنة وعمى البصر والبصيرة
 قال سبحانه وتعالى:
{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ
 أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}
[محمد 23 – 22].

وأن عقوبته معجلة في الدنيا قبل الآخرة، قال صل الله عليه وسلم -:
(ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له 
في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم)
رواه الترمذي وغيره.

وأنه من أسباب حرمان الجنة ورد الأعمال على صاحبه
 ففي البخاري من حديث جبير بن مطعم أن رسول الله صل الله عليه وسلم - قال:
(لا يدخل الجنة قاطع الرحم)
وجاء عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان جالساً بعد الصبح في حلقة فقال:
(أنشد الله قاطع الرحم لما قام عنا، فإنا نريد أن ندعو ربنا، وإن أبواب السماء مرتجة
- أي مغلقة - دون قاطع الرحم).

 بم تكون الصلـــة؟

صلة الرحم تكون بأمور عديدة منها زيارتهم والسؤال عنهم، وتفقد أحوالهم
 والإهداء إليهم، والتصدق على فقيرهم، وتوقير كبيرهم، ورحمة صغيرهم وضعفتهم
 ومن صلة الرحم عيادة مرضاهم، وإجابة دعوتهم، واستضافتهم، وإعزازهم وإعلاء شأنهم
 وتكون - أيضًا - بمشاركتهم في أفراحهم، ومواساتهم في أتراحهم، والدعاء لهم
 وسلامة الصدر نحوهم، وإصلاح ذات البين إذا فسدت، والحرص على توثيق العلاقة
 وتثبيت دعائمها معهم، وأعظم ما تكون به الصلة، أن يحرص المرء على دعوتهم إلى الهدى
 وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وبذل الجهد في هدايتهم وإصلاحهم.

ليس الواصل بالمكافئ

وقد يصل البعض أقاربَه وأرحامَه إن وصلوه، ويقطعهم إن قطعوه، وهذا ليس بواصلٍ في الحقيقة
 فإن مقابلة الإحسان بالإحسان مكافأة ومجازاة للمعروف بمثله، وهو أمر لا يختص به القريب وحده
 بل هو حاصل للقريب وغيره، أما الواصل - حقيقةً - فهو الذي يصل قرابته لله، سواء وصلوه أم قطعوه
 وفيه يقول صل الله عليه وسلم -: 
(ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها) 
رواه البخاري.

وقد كان هذا حال الواصلين لأرحامهم على هذه الصورة من الإحسان حتى مع اختلاف الدين
 يشهد لذلك ما ورد أن رسول الله صل الله عليه وسلم أهديت له حلل كان قد قال عن مثلها:
(إنما يلبس هذه من لا خلاق له، فأهدى منها إلى عمر، فقال عمر كيف ألبسها
وقد قلت فيها ما قلت؟ قال: إني لم أعطكها لتلبسها، ولكن تبيعها أو تكسوها
 فأرسل بها عمر إلى أخ له من أهل مكة قبل أن يسلم) 
رواه البخاري.

ثم إن أفضل الوصل مقابلة الإساءة والعدوان بالبر والإحسان
 ولما جاء رجل إلى رسول الله صل الله عليه وسلم - وقال له:
إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي
 قال له - عليه الصلاة والسلام -: (لئن كنت كما قلت فكأنما تُسِفُّهُم الملَّ
 ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك)
رواه مسلم
 والملُّ هو الرَّماد الحار، فكأنه شبه ما يلحقهم من الألم والإثم والحالة هذه
 بما يلحق آكل الرماد الحار.
فهذا مما يبقي على الودّ، ويحفظ ما بين الأقارب من العهد، ويهون على الإنسان ما يلقاه
من إساءة أقاربه، ومقابلة معروفه بالنكران، وصلته بالهجران، وفيه حث للمحسنين
على أن يستمروا في إحسانهم، فإن الله معهم ومؤيدهم ومثيبهم على عملهم.



ليست هناك تعليقات: