بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الحروف وغيرها من الحروف المقطعة
في أوائل السور فيها إشارة إلى إعجاز القرآن
فقد وقع به تحدي المشركين, فعجزوا عن معارضته
وهو مركب من هذه الحروف التي تتكون منها لغة العرب.
فدل عجز العرب عن الإتيان بمثله
مع أنهم أفصح الناس- على أن القرآن وحي من الله.
ذلك القرآن هو الكتاب العظيم الذي لا شك أنه من عند الله
فلا يصح أن يرتاب فيه أحد لوضوحه
ينتفع به المتقون بالعلم النافع والعمل الصالح
وهم الذين يخافون الله, ويتبعون أحكامه.
وهم الذين يصدقون بالغيب الذي لا تدركه حواسهم
ولا عقولهم وحدها لأنه لا يعرف إلا بوحي الله إلى رسله
مثل الإيمان بالملائكة, والجنة, والنار, وغير ذلك
مما أخبر الله به أو أخبر به رسوله
(والإيمان: كلمة جامعة للإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله
واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وتصديق الإقرار بالقول
والعمل بالقلب واللسان والجوارح)
وهم مع تصديقهم بالغيب يحافظون على أداء الصلاة في مواقيتها
أداء صحيحا وفْق ما شرع الله لنبيه محمد صل الله عليه وسلم
ومما أعطيناهم من المال يخرجون صدقة أموالهم الواجبة والمستحبة.
والذين يصدقون بما أُنزل إليك أيها الرسول من القرآن
وبما أنزل إليك من الحكمة, وهي السنة, وبكل ما أُنزل مِن قبلك
على الرسل من كتب, كالتوراة والإنجيل وغيرهما
ويصدقون بدار الحياة بعد الموت وما فيها من الحساب والجزاء
تصديقا بقلوبهم يظهر على ألسنتهم وجوارحهم وخص يوم الآخرة
لأن الإيمان به من أعظم البواعث على فعل الطاعات
واجتناب المحرمات, ومحاسبة النفس.
أصحاب هذه الصفات يسيرون على نور من ربهم
وبتوفيق من خالقهم وهاديهم, وهم الفائزون
الذين أدركوا ما طلبوا, ونَجوا من شر ما منه هربوا.
إن الذين جحدوا ما انزل إليك من ربك استكبارا وطغيانا
لن يقع منهم الإيمان, سواء أخوفتهم وحذرتهم
من عذاب الله, أم تركت ذلك لإصرارهم على باطلهم.
طبع الله على قلوب هؤلاء وعلى سمعهم
وجعل على أبصارهم غطاء بسبب كفرهم وعنادهم من بعد
ما تبين لهم الحق, فلم يوفقهم للهدى, ولهم عذاب شديد في نار جهنم.
ومن الناس فريق يتردد متحيرا بين المؤمنين والكافرين
وهم المنافقون الذين يقولون بألسنتهم:
صدقنا بالله وباليوم الآخر وهم في باطنهم كاذبون لم يؤمنوا.
يعتقدون بجهلهم أنهم يخادعون الله والذين آمنوا
بإظهارهم الإيمان وإضمارهم الكفر, وما يخدعون إلا أنفسهم
لأن عاقبة خداعهم تعود عليهم. ومِن فرط جهلهم
لا يحسون بذلك لفساد قلوبهم.
في قلوبهم شك وفساد فابتلوا بالمعاصي الموجبة
لعقوبتهم, فزادهم الله شكا, ولهم عقوبة موجعة بسبب كذبهم ونفاقهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق