المساومة
للدكتور محمد الدسوقى أستاذ الشريعه الإسلامية
كلية دار العلوم
أخذ صوت الإسلام بعد صيحة الصفا يرتفع فى مكة
بعد أن ظل سرا لمدة ثلاث سنوات ، وبد أ المسلمون يتحدثون جهرا ، وبعثت هذه المبادئ السمحة الآمل
فى نفوس المستضعفين فأقبلوا يتدافعون إلى الإسلام إقبال الظمأن على زلال الماء .
أن العداوة بدأت تسرى فى قلوب الكفار بعد أن فشلت
كل أساليب الآضطهاد و الآستهزاء بالمسلمين ، و بدأ لهم أن لغة القهر و التعذيب لم تعد كافية للقضاء على الدين الجديد ، فأثروا أن يأخذوا بلغة المساومةلعلهم ينجحون فذهب بعض سادة قريش إلى أبى طالب و قالوا له إن
ابن أخيك قد سب ألهتنا و عاب ديننا ، فإما أن تكفه عنا
و إما أن تخلى بيننا و بينه ، و لم يستجب أبو طالب
لسادة قريش و إن كان قد تلطف معهم فى القول فأنصرفوا عنه وهم يحسبون أنه سيقف دون محمد
وما يدعو إليه ، لكن الرسول " صل الله عليه وسلم " مضى فى
طريقه يبلغ رسالة ربه غير عابئ بما تضعه قريش
من أشواك فى طريقه ، فذهب سادة قريش مرة ثانية
إلى أبى طالب و أتسمت لهجتهم هذه المرة بالعنف
و لم يجد خلاصا مما هو فيه سوى أن يبعث إلى محمد
و يخبره بما قاله سادة قريش و قال له : إبق على نفسك ولا تحملنى ما لا أطيق ، فرد الرسول " صل الله عليه وسلم "
( و الله يا عمى لو و ضعوا الشمس فى يمينى و القمر
فى يسارى على أن أترك هذا الآمر حتى يظهره الله
أو أهلك دونه ما تركته )
و عندما علمت قريش أن أبا طالب قد رفض خذلان
أبن أخيه ، فأجتمعوا على أن يختاروا فتى من فتيان
قريش و هو عمارة بن الوليد و ذهبوا به إلى أبى طالب
و عرضوا عليه أن يتخذ عمارة و لدا له و يسلم إليهم
محمد بن أخيه ، فقال لهم أبو طالب هذا و الله لن يكون
أبدا ، و أستمر قادة قريش فى المساومة فأرسلوا
عتبة بن ربيعة إلى الرسول " صل الله عليه وسلم " فقال له : إن كنت تريد مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا
و أن أردت شرفا سودناك علينا حتى لا نقطع أمرا دونك
و إن كنت تريد ملكا ملكناك علينا ، و إن كان هذا الذى يأتيك رئيا تراه لا يستطيع رده طلبنا لك الطب حتى نبرئك منه ، كما عرضوا على الرسول " صل الله عليه وسلم " أن يعبدوا إلهه سنة وأن يعبد ألهتهم سنة
فنزلت سورة الكافرون تعلن فى جلاء أن الإيمان و الكفر لا ألتقاء بينهما بحال من الآحوال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق