لما أشرق نور الآسلام فى مكة كانت أسماء بنت عميس من السابقين إليه
مع زوجها جعفر بن أبى طالب
و كان المسلمون يومئذ قلة يتعرضون إلى أشد أنواع الآذى من سفهاء قريش
فى دينهم ، فأستشاروا رسول الله " صل الله عليه وسلم " فى أمرهم فأشار عليهم أن يهاجروا إلى الحبشة ، و هى أرض يعرفونها جيدا لما بينهم من صلات تجارية وقال لهم :
( إن بها ملكا لا يظلم عنده أحد ، و هى ارض صدق حتى يجعل الله لكم فرج لما أنتم فيه )
هاجرت أسماء بنت عميس مع زوجها جعفر بن أبى طالب ، الذى كان له جهد
فى أقناع ملك الحبشة و من حوله من الرهبان
و ظلوا بالحبشة إلى أن أذن لهم الرسول " صل الله عليه وسلم بالعودة إلى المدينة و أنتظم الرجال و النساء فى سلك الجهاد
يقوم كل فرد منهم فى نصرة دين الله عز وجل
قال عمر لآسماء بنت عميس : يا حبشية سبقناكم بالهجرة ، فحزنت لتلك المقولة لآنها تملك روح الآسلام الحقيقية بين جنبيها و تحب أن تكون من السابقين الذين ينالون الدرجة الآعلى من النعيم
فقالت له بشدة : ما صدقت كنتم مع رسول الله يطعم جائعكم و يعلم جاهلكم
و كنا البعداء الطرداء ثم قالت : أما و الله لآتين رسول الله فلآذكرن له ذلك .
قالت أسماء : يا رسول الله إن رجالا يفخرون علينا و يزعمون أنا لسنا
من المهاجرين الآولين
فقال الرسول " صل الله عليه وسلم " : بل لكم هجرتان ، هاجرتم إلى النجاشى
و هاجرتم إلى الله
و هنا أستقرت نفسها و أنشرح صدرها لآن لها نفسا مؤمنة تواقة دائما إلى معالى الآمور ، و قد أثبتت السيدة أسماء جلدها وقوة إيمانها فى كل الميادين من ذلك تلقت نبأ أستشهاد جعفر من النبى " صل الله عليه و سلم "
و قال لها : " يا اسماء لا تقولى هجرا ولا تضربى صدرا " ، سمعت و أطاعت رضا بقضاء الله و قدره ، و تنفيذا لآمر الرسول " صل الله عليه و سلم " ، رغم أنه حدثا جللا لما بينهم من محبة و روابط إيمانية وثيقة ، فصبرت أسماء على فقد زوجها ،و اخذت ترعى اولادها و تنشئهم تنشئة فاضلة و تعدهم للجهاد فى سبيل الله .
خطبها بعد ذلك أبو بكر ، فكانت له نعم الزوجة التى تشد أزره و تحيطه برعايتها و لشدة ثقته فيها و فى روعها و إخلاصها طلب منها ان تغسله بنفسها .
و حزنت أسماء على أكمل المؤمنين إيمانا بعد خير البرية ، و لم يعقها حزنها
عن تأدية واجبها الإيمانى نحو جميع المسلمين
و تزوجها أيضا أشجع العرب و أشدهم بأسا فى الحرب على بن أبى طالب
و عاشت معه أيام الفتنة الكبرى ، و شهدت فى حياتها مقتل أبنها محمد بن
ابى بكر وزوجها على بن أبى طالب ، و لم يفت هذا فى عضدها أن تظل مناصرة لدينها تسهم ما استطاعت مع المسلمين فى نصرة الحق و اعلاء كلمة الله .
رضى الله عنها تلك السيدة العظيمة التى صمدت كالجبال أمام متطلبات الدعوه
و أحداث الزمان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق