22‏/04‏/2015

تعريف الفقه

تعريف الفقه

الفقه في اللغة: 
الفهم، يقال: فقه (بكسر القاف) الرجل، يفقه (بفتحها): فهم، يفهم. ومنه الآية: 
{ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ... } 
الإسراء/ 44.
أي: لا تفهمون تسـبيحهم. وأما قولهم: فَقه (بضم القاف) الرجل، فيُراد به: فقهُ النفس، والحذق والمهـارة
 ونحوها من الصفات التي تصير سـجية في صاحبها.
والفقه في الاصطلاح يطلق على أمرين:
الأمر الأول: معرفة الأحكام الشرعية، المتعلقة بأفعال المكلفين وأقوالهـم، المكتسبة من أدلتها التفصيلية
 وذلك مثل معرفتنا: أن غسل الوجـه فرض في الوضـوء؛ للآيـة : 
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ ...}
المائدة/ 6 .
الأمر الثاني: الأحكام الشرعية نفسها، ومن هنا يقال: درس فلان الفقهَ وتعلمه: درس الأحكام الفقهية
 الموجودة في كتب الفقه، المستمدة من أدلتها التفصيلية، مثل: أحكام الصلاة، وأحكام البيع، وأحكام القضاء...

أهمية الفقه الإسلامي:
للفقه أهمية في حياة الفرد المسلم على صعيده الشخصي الخاص، وعلى الصعيد الاجتماعي العام
 فبه يعرف الحلال فيفعله، ويعرف الحرام فيتجنبه، فتغدو تصرفاته منضبطة ضمن منهج مستقر.
وبمعرفة الفقه الإسلامي يصلح المسلم أعماله، ويسدد قرباته وطاعاته لله تعالى، وبه يعرف واجباته وحقوقه
التي بينه وبين الناس، فتسعد حياته، ويزداد خيره، ويحظى بحب الناس وثقتهم، فضلا عن رضـوان الله تعالى
في الدنيا والآخـِرة، وفي هذا المعنى يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: 
" من يُرِدِ اللهُ به خيراً يفقهْه في الدين ". متفق عليه .
وإن المتتبع لمحتويات كتب الفقه الإسلامي على اختلاف مذاهبه، يجد أنها تشتمل على مجموعات من الأحكام
والمسائل والحوادث المتجانسة، التي تشكل بمجموعها نظاما متكاملا لحياة الأفراد والمجتمعات
 وهي على النحو التالي:
أولاً: فقه العبادات: ويشـتمل على الأحكام المتعلقـة بعبادة الله تعالـى وطاعتـه أى التي يؤديها المسلم ببدنه كالطهارة
والصلاة، والصوم، أو بماله كالزكاة، أو ببدنه وبماله معا كالحج.

ثانياً: فقه المعاملات المالية: ويتضمن تصرفات الإنسان المالية ونحوها، ومعاملة الناس بعضهم بعضا
 في ضوء ما شرعه الله تعالى لهم، من بيع، وإجارة، وشركة، وتوكيل... أو ما نهاهم عنه من ربا وغش
 واحتكار. وهذا ما يسميه القانونيون اليوم: القانون المدني.

ثالثاً: فقه الأسرة: ويعبر عنه بعض الباحثين المعاصرين بالأحوال الشخصية، ويشتمل على أحكام الخطبة
والزواج، والرضاع، والحضانة، والنفقة، والطلاق، والوصايا والمواريث، ونحو ذلك .

رابعاً: فقه الجنايات والعقوبات: ويشتمل على الأحكام الشرعية المتعلقة بالجرائم، والعقوبات، سواء كانت
 قصاصا بسبب الاعتداء على الأرواح أو الأبدان، أو حدودا بسبب السرقة، أو الزنا أو القذف ونحوه
 أو تعازير بسبب الشتم، أو الاختلاس، أو التزوير، وقد قصد  بتلك العقوبات، حفظ الأمن وضبط النظام العام
 وحماية المجتمع من أسباب التفكك والانحلال والضياع. ويطلقون على هذا اليوم: القانون الجزائي، أو الجنائي.

خامساً: فقه السير والجهاد: ويشتمل على أحكام العلاقات الدولية بين الدولة الإسلامية وبين الدول الأخرى
 وذلك في حالتي السلم والحرب، وما يتصل بهما من معاهدات، ومواثيق، وتحالفات، وتبادل مصالح ومبعوثين
 مما يعرف اليوم بالقانون الدولي الإنساني.

سادساً: فقه النظم: ويشتمل على أحكام تنظيم القضاء، وطرق الإثبات، وما يتصل بهذا من دعاوى وبينات
 ويسمى اليوم: النظام القضائي، وقانون المرافعات. كما يشتمل على نظام الحكم في الإسلام، والعلاقة بين الحاكم
والمحكوم، وواجبات كل منهما وحقوقه، ويسمى اليوم: القانون الدستوري. أما ما يتصل بأحكام الولايات والوظائف
والإدارات العامة فيسمى: القانـون الإداري. وقد أُفرد لجميع هذا ـ في القديم ـ كتب تحت اسم: " الأحكام السـلطانية ".
و " السياسـة الشرعية ".

سابعاً: فقه الحظر والإباحة: ويشتمل على أحكام محاسن الأقوال والأفعال ومساوئها، وتصرفات العباد في مأكلهم
وملبسهم وسلوكهم، مما يعرف بباب الحظر والإباحة، ونحو هذا من الآداب الشرعية المرعية، التي تناولتها بعض
الكتب الفقهية، وبخاصة كتب الحنفية.

اتصاف الفقه الإسلامي بالانضباط والسماحة:
يتصف الفقه الإسلامي بأنه منضبط، أي: يقوم على منهـج واضح مترابط الأجـزاء، معقول المعنى
ـ سوى بعض العبادات ـ يؤيد بعضه بعضاً، من أجل بناء الشخصية المسلمة، المؤهلة لعمارة الكون
وإصلاح الحياة، ضمن نظام متكامل وقواعـد إيجابية بناءة، مصداقـاً لقول الله تعالى: 
{ إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً}
الإسراء /9. ومعنى يهدي للتي هي أقوم: يوصل إلى أحسن حياة وأعدلها.
كما يتصف الفقه الإسلامي بالسماحة واليسر المرتبطين بالواقع، إذ ليس في الفقه الإسلامي أحكام يعجز
المكلف العادي عن أدائها والقيام بها في ظروفه وأحواله الطبيعية، وفي هذا يقول الله تعالى: 
{لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ...} البقرة /286.
فكل التكاليف التي شرعها الله تعالى، إنما هي في مقدور الإنسان وطاقته، أما إذا صادف المكلف أمر طارئ
خارج عن مقدوره وإرادته، فإن الأحكام تتسع له وقتئذ، وينفتح أمامه باب الرخصة والتخفيف مصداقاً لقول الله تعالى: 
{... وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ...} الحج /78.

 الأمثلة على يسر الإسلام وسماحته في العبادات:
مشروعية التيمم بالتراب عند فقد الماء للوضوء، أو العجز عن استعماله، قال الله تعالى: 
{...وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً...
النساء /43.
وأيضاً: المسح على الجبيرة لمن يضره غسل العضو المكسور أو المجروح، ومنها: الصلاة قاعدا لمن يشق
عليه القيام، وإفطار المسافر والمريض في شهر رمضان.

مصادر الفقه الإسلامي:
يرجع استمداد الأحكام الشرعية في مجموعها، إلى المصادر التشريعية الرئيسة المتفق عليها عند جماهير العلماء
 منهم فقهاء المذاهب الأربعة، وهي: القرآن الكريم، والسنة النبوية، والإجماع، والقياس. وترجع كذلك إلى المصادر
التشريعية الفرعية المختلف فيها، والتي منها: الاستحسان، والمصالح المرسلة، والاستصلاح، وعمل أهل المدينة
 ومذهب الصحابي، وشرع من قبلنا، والعرف، ونحو ذلك مما اختصت ببيانه كتب علم أصول الفقه.

التعريف ببعض المصطلحات الفقهية:
هناك كثير من المصطلحات الفقهية، التي تدور عليها أحكام الفقه في كثير من الأبواب والتي ينبغي الإلمام بها
 ومن هذه المصطلحات ما يلي:
1ـ الفرض: عرفوه بأنه: ما طلب الشـارع من المكلف فعله طلبا جازمـا، ورتب على فعله ـ طاعة لله ـ الثواب
 وعلى تركه العقاب، وذلك كالصلوات الخمس، وصوم رمضان، وبر الوالدين، والصدق، والوفاء بالوعد.
وقد يعبر جمهور الفقهاء ـ وهم هنا: المالكية والشافعية والحنابلة ـ عن الفرض أحياناً بالواجب أما الحنفية:
فالواجب عندهم هو في درجة أدنى من الفرض وأعلى من المندوب وذلك كصلاة الوتروصلاة العيدين والأضحية

2ـ المندوب: هو: ما طلب الشارع من المكلف فعله طلباً غير جازم، ورتب على فعله الثواب ولم يرتب على تركه
 العقاب، وذلك كالسنن الراتبة مع الفرائض الخمس، وصلاة الضحى، وإماطة الأذى عن الطريق .
ويطلق أيضاً على المندوب لفظ: سنة، ومستحب، ونفل، وتطوع.

3ـ الحرام: عرفوه بأنه: ما طلب الشارع من المكلف تركه طلباً جازماً ورتب على تركه ( امتثالاً لأمر الله ) الثواب 
 ورتب على فعله العقاب وذلك كالاعتداء على الأرواح، والأبدان، والأموال، والأعراض، وعقوق الوالدين
 وترك الصلاة المفروضة. وقد يسمى الحرام: معصية، وجريمة، وذنباً، وممنوعاً.

4ـ المكروه: هو: ما طلب الشارع من المكلف تركه طلباً غير جازم، ورتب على تركه ( امتثالاً لأمر الله تعالى ) الثواب
 ولم يرتب على فعله العقاب، بل اللوم والعتاب، على حد قول بعض علماء الأصول
 مثال ذلك: كراهة الجمهور البيع وقت صلاة الجمعة ـ وهو حرام عند الحنابلة ـ وصلاة النفل في الأوقات المنهي
عنها، كوقت طلوع الشمس ووقت غروبها، والأكل باليد اليسرى وحال الاتكاء.
ويرى بعض الفقهاء، منهم الحنفية : أنه يوجد ـ أيضاً ـ مكروه أدنى مرتبة مما سبق، يقال له: المكروه تنزيهاً
 وخلاف الأولى، وذلك كالإكثار من الحركات في الصلاة دون حاجةوضم الثوب إلى الرجلين حال النزول إلى
السجود، والإسراف في الماء عند الوضوء.

5ـ المباح: هـو: ما خير الشارع المكلـف بين فعله وتركه، ولم يرتب على فعله أو تركـه ثواباً ولا عقاباً كالعمل
بعد صـلاة الجمعة المذكور في الآية: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ
كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَالجمعة/10. 
حيث أفادت الآية: إباحة العمل بعد انتهاء صلاة الجمعة فمن شاء عمل، ومن شاء ترك ولم يعمل.

6ـ الفرض العيني: هو: ما طلب الشارع فعله من كل مكلف طلباً جازماً، ورتب على فعله الثواب وعلى تركه العقاب
وذلك بغض النظر عن قيام أو عدم قيام الآخرين به، ومثاله: الصلوات الخمس وبر الوالدين والصدق، والأمانة.

7ـ الفرض الكفائي: ما طلب الشارع فعله طلباً جازماً من مجموع المكلفين، لا من كل واحد منهم، فإذا قام به بعضهم
وكفى، سقط الإثم عن الباقين، وإذا لم يقم به أحد، أثم جميع المكلفين المتعلق بهم الخطاب واستحقوا العقوبة
 ومثَّلوا لهذا: بصلاة الجنازة على الميت المسلم، ورد السلام الملقى على مجموعة من الناس والأمر بالمعروف 
والنهي عن المنكر.

8ـ الشرط: ويتصل بالأحكام التكليفية من حيث كونه يجب على المكلف فعله، غير أنه ليس جزءاً من حقيقة الشيء
المأمور به، بل هو من مقدماته، ومثاله: اشتراط الوضوء لأداء الصلاة، واستقبال القبلة، وستر العورة، ودخول وقت
الصلاة، وهكذا يكون معنى الشرط: ما يتوقف عليه وجود المشروط، ولا يستلزم من وجوده وجود المشروط ولكن
يستلزم من عدمه عدم المشروط.

9ـ الركن: ما يجب على المكلف فعله، وهو جزء من حقيقة الشيء المأمور به، كالوقوف، والركوع، والسجود، في الصلاة.

10ـ الأداء: فعل المأمور به في وقته المحدد له من قبل الشرع، كأداء صلاة المغرب في وقتها الشرعي المحدد لها
وكصيام رمضان في شهر رمضان.

11ـ الإعادة: فعل المكلف العبادة مرة ثانية في وقتها الشرعي المحدد لها، كمن صلى الظهر، ثم تذكر في الوقت أنه
صلاها بغير وضوء، فعليه الإعادة لعدم صحة الصلاة التي أداها أولاً.
وقد تكون إعادة العبادة على سبيل الاستزادة من الخير والأجر، كمن صلى الظهر منفردا، ثم حضرت جماعة فصلى
معها تحصيلاً لثواب الجماعة، لكن هذه الصورة في حقيقة الأمر نوع من أنواع النافلة والطاعات التطوعية البحتة
 لأن المكلف فعل المأمور به مستوفياً أركانه وشروطه، وقد سقط عنه بالفعل الأول.

12ـ القضاء: فعل المكلف ما أُمر به بعد انتهاء وقته المحدد له من الشرع، وذلك كمن نام عن صلاة الفجر حتى طلعت
الشمس، فيصليها بعد استيقاظه، ومثله: من أفطر في رمضان لمرض أو سفر، فيصوم ما أفطره فيما بعد رمضان .
وإذا فاتت المكلف عبادة مفروضـة وجب عليه قضاؤها، قال الله تعالى: 
{... فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ
وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} البقرة/ 185.
وروى الشيخان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:" من نام عن صلاة أو نسيها، فليصلّها إذا ذكرها." 
غير أن فوات أداء الفريضة بغير عذر شرعي موجب لإثم المكلف، وذلك لتقصيره في رعاية حقوق الله تعالى وفرائضه.

13ـ البطلان والفساد: ويراد بهما: مخالفة الفعل لأمر الشارع، بفوات ركن أو شرط.
ويتفق الفقهاء على أن البطلان والفساد في العبادات سواء، فإذا فقدت العبادة ركنا كالركوع، أو شرطا كستر العورة
 فلا تبرأ بها ذمة المكلف، ولا يسقط عنه التكليف، بل يطالَب المكلفُ بإعادتها؛ لأنها باطلة منقوضة، وليس له بها ثواب.
أما في المعاملات: فالبطلان والفساد عند الجمهور بمعنى واحد، وهما سواء في الحكم، كما في العبادات، فإذا اختل ركن
 في البيع، كما لو كان العاقد صبياً غير مميز، أو فات شرط في العقد كالبيع بثمن مجهول، أو بشرط ربوي، فهذا عقد باطل
 وفاسد، ولا يترتب عليه أثر شرعي مطلقاً عند الجمهور .
ويرى الحنفية: أن اختلال الركن في عقود المعاملات يبطلها، بحيث لا يترتب عليها أي أثر شرعي، كما هي الحال عند
الجمهور. أما فوات الشرط في عقود المعاملات فيفسدها ولا يبطلها, لذلك فإن الحنفية يرتبون على العقد الفاسد بعض
 الأحكام الدنيوية, مع بقاء وصف الحرمة فيه, واستحقاق الإثم والعقاب الأخروي, بمعنى أن العقد الفاسد يجب فسخه
ويملك بالقبض ويصح تمليك المبيع بعقد ثان ويرد بالعيب ويحرم الانتفاع بالمبيع.





































































https://twitter.com/mmmona7

ليست هناك تعليقات: