19‏/02‏/2012

مع التائبين

        



     للدكتورة خديجة النبراوى


     تعظم الذنوب حتى يظن الإنسان ألاتوبة منها ، وتكثر العلل حتى يزعم السقيم ألا شفاء منها ، 
و تشتد الجريمة حتى يظن الجانى ألا خلاص منها ، لكن فضل الله الواسع و دينه السمح ورسالته الحانية 
و كتابه الجامع المانع  يأبى على المؤمن أن يقنط من رحمة الله حتى ولو قتل مائة نفس  
فيقول الله عز وجل :-
     ( قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا أنه هو الغفور الرحيم )
       [ سورة الزمر]


      
    
و قصة التوبة الآتية عن جريمة قتل ليست عادية و إنما هى جريمة فظيعة يطلق على الجانى فيها لقب سفاح 
فى عصرن الحاضر ، حيث قتل تسعا وتسعين نفسا و طلب التوبة فسأل عنها كما أشير إليه أعلم أهل الآرض و لكنه
صدمة بألا توبة  له ولا مغفرة و لشدة يأسه من رحمة ربه أكمل المائة بقتل العالم الذى أيأسه من رحمة الله


     يروى أبو سعيد الخدرى رضى الله عنه فيقول :
    لا أحدثكم إلا ما سمعت من رسول الله صل الله عليه وسلم سمعته أذناى ودعاه قلبى  :
أن عبدا قتل تسعة وتسعين نفسا فعرضت له التوبة فسأل عن أعلم أهل الآرض فدل على رجل بهذه الصفة فأتاه
 فقال : إنى قتلت تسعا وتسعين  نفسا فهل لى من توبة ؟ فقال له العالم غير الواثق متعجبا : بعد تسعة وتسعين نفسا ؟
و هنا تملكه اليأس فأنتضى سيفه فقتله به فأكمل به المائة ، عاودت القاتل فكرة التوبة فعمد إلى فكرة البحث عن أعلم
 أهل الارض فدل عليه فأتاه فقال : إنى قتلت مائة نفس  فهل من توبة ؟ قال العالم :
    و من يحول بينك و بينها ؟! أخرج من هذه القرية الخبيثة التى أنت فيها وكانت تسمى " كفرة " إلى القرية الصالحة
 و كانت تسمى " نصرة " فأعبد ربك فيها


   خرج التأب إلى القرية الصالحة فعرض له أجله فى الطريق حيث ألتقى به ملك الموت قبل أن يصل إلى القرية الصالحة 
و هنا أختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب  فلم ينم إبليس عن دوره فأختصم ملائكة و قال : أنا أولى به فإنه لم يعض سائمة قط ، فدع ملائكة الرحمة بقولهم : إنه خرج تائبا ، ثم بعث الله سبحانه وتعالى ملكا فأختصموا إليه فقال :
إنظروا إلى أى القريتين كان أقرب إليهما فألحقوه بها  .... و هنا تجلت قدرة الخالق سبحانه وتعالى فطوى الآرض
وزحزح الجثة حتى قربت من القرية الصالحة فألحقوه بها و باعد بينه و بين القرية الخبيثة فبعد عنها


   تشير هذه التوبة ألا يتعرض للفتوى إلا من  هو واثق من دينه وعلمه و رسالة نبيه و أن التوبة تصح القتل كما تنفع
 مع سائر الذنوب  و أن مشروعية التوبة من جميع الكبائر حتى من قتل الآنفس

   قال الله تعالى :
    ( إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء )
      [ سورة النساء 116]



ليست هناك تعليقات: