06‏/07‏/2012

ليلة النصف من شعبان


من كتاب اهل السنه والجماعه



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله



يروى عن رسول الله صل الله عليه وسلم أنه قال :
إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها

 رواه ابن ماجه

فضل الدعاء في الإسلام

قال الله تعالى 
(( البقرة : 168 ))

 وقال رسول الله صل الله عليه وسلم 

الدعاء مخ العبادة
 رواه الترمذي

معناه   أن منزلة الدعاء عالية في العبادة لأن دعاء العبد المؤمن لربه
 فيه إقرار منه بربوبية الله وبقدرته واعتراف منه
 بالنعم الكثيرة التي من الله بها عليه

فضل قيام الليل تطوعا لله
قال رسول الله صل الله عليه وسلم
أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل 
رواه مسلم
 فقيام الليل تطوعا لله تعالى هو من النوافل والمستحبات
 التي رغبنا بها رسول الله صل الله عليه وسلم سواء قام الليل بالصلاة
أو الدعاء أو الذكر أو الاستغفار أو الصلاة على النبي صل الله عليه وسلم
أو تلاوة القرءان وهذا مما يتقرب به إلى الله 
مع أداء الواجبات واجتناب المحرمات

ليلة النصف من شعبان وما ورد فيها:
ليلة النصف من شعبان هي ليلة مباركة مشرفة وإحياؤها وقيامها
 بأنواع العبادات كالصلاة والذّكر وتلاوة القرءان شىء مستحسن
 فيه ثواب عظيم وقد روي عن النبي صل الله عليه وسلم
إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها
رواه ابن ماجه

وأفضل ما يعمل المرء تلك الليلة أن يتقي الله تعالى فيها
 كما في غيرها من الليالي ليحظى برضا الله تعالى لأن تقوى الله خير
ما يؤتاه الإنسان في هذه الدنيا الفانية الزائلة يقول الله تعالى 
(( أل عمران : 102 ))
وتقوى الله هي أداء الواجبات واجتناب المحرمات
فينبغي للشخص الفطن الذكي في ليلة النصف من شعبان
 أن يسارع للخيرات كما ينبغي له في سائر الأوقات
وسائر الليالي وأن يتذكر أن الموت ءات قريب لا محالة
وأن الناس سيبعثون ثم يحشرون ويحاسبون يوم القيامة
 فيفوز من ءامن بالله ورسله واتقى
 ويخسر من كفر بالله وظلم وعصى

يقول الله عز وجل 
(( البقرة 197 ))
 وفي معرض الحديث عن ليلة النصف من شعبان
يهمنا بيان وذكر أمور شاع أمرها بين كثير من العوام
وهي غير صحيحة ولا أصل لها بل هي مخالفة للشرع الحنيف
 فمن ذلك عدة أحاديث مكذوبة لا يجوز نسبتها
 إلى رسول الله
 صل الله عليه وسلم كحديث
 رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي
 وحديث: رجب شهر الاستغفار وشعبان شهر الصلاة على النبي
 ورمضان شهر القرءان فاجتهدوا رحمكم الله

 فلا أصل لهما عند علماء الحديث.

وأما قراءة سورة يس في هذه الليلة ففيه ثواب
كما في سائر الأوقات ولكن ليعلم أنه لم يرد عن رسول الله صل الله عليه وسلم
 أنه يستحب قراءتها في هذه الليلة خاصة

بيان أن القرءان لم ينزل في ليلة النصف من شعبان

كما ينبغي أن يتنبه أن ليلة النصف من شعبان ليست الليلة
 التي يقول الله تعالى فيها


(( الدخان : 4 ))
 وإن كان شاع عند بعض العوام ذلك فهو غير صحيح
إنما الصواب أن الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم هي ليلة القدر
 ومعنى 


(( الدخان : 4 ))
أن الله يطلع الملائكة في ليلة القدر على تفاصيل
 ما يحدث



 في هذه السنة
 إلى مثلها من العام القابل
من مقدورات للعباد

 أي مما قدر أن يصيب العباد من موت 
وحياة وولادة وأرزاق ونحو ذلك

فلا ينبغي للشخص أن يعتقد أن ليلة

النصف من شعبان هي الليلة التي نزل فيها القرءان إلى بيت العزة

في السماء الأولى بل هي ليلة القدر بدليل قوله تعالى
(( القدر : 1 ))

فهذه الآية تفسر الآية الأخرى
(( الدخان : 3 ـ 4 ))
بيان أنه لم يرد في قيام ليلة النصف من شعبان عدد معين من الركعات

ومما ينبغي التنبه له أيضا أن صلاة مائة ركعة أو خمسين
 أو اثنتي عشرة ركعة بصفة خاصة في هذه الليلة المباركة
 لا أصل له في الشرع ولم يثبت عن النبي صل الله عليه وسلم
 وإنما للمسلم الذي يريد الخير والثواب أن يصلي في تلك الليلة ما قدر له
 من الركعات النوافل من غير تقييد بعدد معين أو هيئة وصفة خاصة بتلك الليلة
فقد ذكر المحدث الشيخ عبد الله الغماري في كتابه
(( حسن البيان في ليلة النصف من شعبان ))
 ما نصه  (( لم ترد صلاة معينة في هذه الليلة من طريق صحيح 
ولا ضعيف وإنما وردت أحاديث موضوعة مكذوبة))

بيان أن الدعاء لا يرد القضاء وأن مشيئة الله أزلية لا تتغير

ليعلم أن عقيدة أهل الإسلام أن مشيئة الله تعالى شاملة لكل أفعال
وأقوال العباد فلا يحصل شىء في هذا العالم إلا بمشية الله وتقديره
وعلمه وخلقه وأن مشيئة العباد تابعة لمشيئة الله كما قال تعالى 


(( التكوير : 29 ))
فكل ما دخل في الوجود هو بمشيئة الله سواء كان خير
ا أو شرا طاعة أو معصية كفرا أو إيمانا
 لأنه لا خالق لشىء من الأشياء إلا الله تبارك وتعالى
ومشيئة الله أزلية أبدية لا يطرأ عليها تغير ولا تحول ولا تبدل ولا تطور
وكذلك سائر صفاته كالعلم والقدرة فالله تعالى يستحيل عليه التغير في ذاته
وصفاته لأن التغير من صفات المخلوقات فلا يجوز أن يعتقد إنسان
 أن الله تعالى تتغير صفاته أو مشيئته أو يتبدل علمه أو تحدث له مشيئة
 شىء لم يكن شائيا له في الأزل كما لا يجوز أن يعتقد
 أنه يحدث لله علم شىء لم يكن عالما به في الأزل


تنبيه وتحذير

جرت العادة في بعض البلدان أن يجتمع بعض الناس في ليلة النصف من شعبان
في المساجد أو البيوت لقراءة دعاء فيه لفظ فاسد ينسبونه للنبي صل الله عليه وسلم
ولبعض الصحابة وهو كذب على رسول الله لم يثبت عنه ولا عن واحد من الصحابة
 وهو قولهم  ((  اللهم إن كنت كتبتنى عندك في أم الكتاب
 شقيا أو محروما أو مطرودا أو مقترا علي
 في الرزق فامح اللهم شقاوتي وحرماني وطردي
 وإقتار رزقي واكتبني عندك من السعداء))


فهذا الكلام لم يثبت عن سيدنا عمر ولا عن ابن عباس ولا عن مجاهد
ولا عن أي واحد من السلف ومعناه مخالف للعقيدة الصحيحة
وهي أن الشقيّ شقي في بطن أمه فلا يتبدل سعيدا لأنّه
 صح الحديث الشريف بذلك واعتقاد تبدل المشيئة أو العلم أو أي صفة
من صفات الله تعالى كفر كما قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه 
وغيره من العلماء الأفاضل
وهذا دأب كثير ممن يقرأون هذا الدعاء الفاسد يعتقدون أن الله يغير مشيئته
 في تلك الليلة فينقلب العاصي إلى طائع والمسيء إلى محسن والشقي
 إلى سعيد والمحروم إلى ميسور فمن اعتقد ذلك فسدت عقيدته
 وعليه أن يعتقد الحق ويرجع إليه ويتشهد أي يقول الشهادتين
 للخلاص من كفر نسأل الله السلامةَ
وأخيرا ينبغي على الإنسان أن يسارع إلى الخيرات بجد ونشاط
ويستقبل الليالي المباركة ومنها ليلة النصف من شعبان بتوبة صادقة
 ليفوز يوم القيامة
 وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


(( مدونة اسلاميات ))

ليست هناك تعليقات: