من كتاب التوحيد
لجماعة أنصار السنة المحمدية
أبو سفيان بن الحارس أخو
الرسول" صل الله عليه وسلم " فى الرضاعه
لم يكن الإسلام سببا للعداوة و لا للشحناء و إنما كان من أهم أسباب المودة و الآلفة
و التراحم بين الناس منذ أن صدع بدعوته رسول الله " صل الله عليه وسلم " إلى يومنا هذا،
و حتى يرث الله الآرض وما عليها .
يذكر المؤرخون أن أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم ، ابن عم
الرسول " صل الله عليه وسلم " و أخوه فى الرضاعه ، كما بعث رسول الله " صل الله عليه وسلم "
عاداه عداوة لم يعاد أحدا قط مثلها ، و كان شاعرا فهجا رسول الله و المسلمين
و أستمرت عداوته عشرين سنة ، ولما أنتشى نور الاسلام و قر قراره ، و أبو سفيان خارج الحلبة فضاقت به الآرض على رحبها و قال : من أصحب ؟ومن أكون بعد أن
أحاط بى الاسلام من كل جانب ؟ فقال لزوجته وولديه تهيأوا للخروج فقد أظل
قدوم محمد ، فقالوا : قد أن لك أن تبصر إن العرب و العجم قد تبعت محمدا
و أنت موغل فى عداوته و كنت أولى الناس بنصرته . فقال لغلامه مذكور :
عجل لنا بأبعرة و فرس و سارا حتى نزلا الآبواء حيث كانت مقدمة رسول الله
" صل الله عليه وسلم " كانت الآبواء {بلدا بين مكة و المدينة}
قال أبو سفيان :هى الملتقى و كان رسول الله " صل الله عليه وسلم "
قد نذر دمى فتنكرت و خفت أن أقتل فخرجت أمشى على قدمى فلما
طلع موكبه تصديت له تلقاء وجهه فلما ملآ عينيه منى ، أعرض عنى
بوجهه إلى الناحية الآخرى ، و هكذا كلما توجهت إليه أعرض عنى حتى ظننت
أننى مقتول قبل أن أصل إليه و لكنى أتذكر بره و رحمه فيذهب يأسى و كنت
لا أشك أن رسول الله و أصحابه سيفرحون بأسلامى لقرابتى منه
" صل الله عليه وسلم "
أدرك الصحابة أعراض رسول الله " صل الله عليه و سلم "عنى فأعرضوا جميعا حيث لقينى
أبو بكر الصديق معرضا و نظرت إلى عمر بن الخطاب و هو يغرى بى رجلا من
الآنصار فقال لى : يا عدو الله أنت الذى كنت تؤذى رسول الله و أصحابه وبلغت
مشارق الآرض ومغاربها فى عداوته فرددت بعض الرد عن نفسى و أسرعت إلى
عمى العباس فقلت : يا عم كنت أرجو أن يفرح رسول الله بإسلامى و لقرابتى
و شرفى فكلمه ليرض عنى فقال : و الله لا أكلمه بعد الذى رأيت و أشار
إلى على بن أبى طالب فقال مثل ما قال العباسى.
قال أبو سفيان : ضاقت على الآرض بما رحبت فخرجت فجلست على باب منزل
رسول الله " صل الله عليه وسلم " و تبعته حتى راح إلى الجحفة و هو لا يكلمنى و لا أحد
من المسلمين و جعلت لا ينزل منزلا إلا أنا على بابه و معى أبنى جعفرو هو لا
يرانى إلا أعرض عنى و صرت على هذا الحال حتى شهدت معه فتح مكة و أنا
فى خيله التى تلازمه حتى نزل الآبطح فدنوت فنظر إلى نظرة رأيت فيها اللين
و رجوت أن يبتسم و دخل عليه نساء بنى عبد المطلب و معهن زوجتى فى
فقته على .
قال أبو سفيان : بعد فتح مكة خرج رسول الله " صل الله عليه وسلم " إلى هوازن فخرجت
معه و قد جمعت العرب جمعا لم تجمع مثله قط ، فقلت : اليوم يرى الرسول أثرى
أن شاء الله أثبت الرسول على بغلته الشهباء و جرد سيفه و أخذ العباس بلجام
البغلة و أخذت بالجانب الآخر فقال : من هذا ؟ فقال العباس : أخوك و أبن عمك
أبو سفيان بن الحارث فأرض عنه يا رسول الله فقال : قد فعلت فغفر الله له
كل عداوة عادانيها ثم ألتفت إلى فقال " صل الله عليه وسلم " أخى لعمرى .
أمر الرسول " صل الله عليه وسلم " العباس فقال : ناديا أصحاب
{سورة البقرة : يا أصحاب السمرة} يا للمهاجرين و ياللآنصار يا للخزرج فأجابوا
لبيك داعى الله ، و كروا كرة رجل واحد على هوزان و قال لى رسول الله " صل الله عليه وسلم " {تقدم فضارب القوم} فحملت حملة أزالتهم عن موضعهم و تبعنى رسول الله قدما
فى نحور القوم فما قامت لهم قائمة حتى طردتهم قدر فرسخ و تفرقوا فى
وجوه الآرض .
روى العباس بن عبد المطلب : لقد رأيت النبى " صل الله عليه وسلم " يومئذ و ما معه
إلا أبو سفيان بن الحارث و هو مقنع بالحديد و أخذ بثغر بلغة النبى " صل الله عليه وسلم "
فقال الرسول للعباس : من هذا ؟ قال : أبن أمك يا رسول الله فقال صل الله عليه وسلم
: نعم ، أخى ناولنى حصى من حصى الآرض فناوله ، فرمى به فى وجوه القوم
فدخلت فى أعينهم جميعا فأنهزموا .
عاش أبو سفيان بن الحارث لا يرفع رأسه إلى النبى " صل الله عليه وسلم " حياء منه
و قال عند موته : لا تبكوا على فما وقعت فى خطيئة منذ أسلمت ، و بكى
على الرسول " صل الله عليه وسلم " بكاءا شديدا و رثاه شعرا فقال :
نبى كان يجلو الشك عنا ……… بما يوحى إليه و ما يقول
و يهدينا فلا يخشى علينا ……… ضلالا و الرسول لنا دليل
أفاطمه أن جزعت فذاك عذر …… و إن لم تجزعى فهو السبيل
فقبر أبيك سيد كل قبر ……… و فيه سيد الناس الرسول
و هكذا أتاب أبو سفيان بن الحارث
و تاب الله عليه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق